الحق في التعليم والتدريب:
إن التعليم هو حق من حقوق أي إنسان يجب أن يناله سواء كان هذا الإنسان ذا عجز أو غيره فبالتعليم نرفع من مستوى أنفسنا ونشارك في عجلة التقدم، وذو العجز أحق من ينال حق التعليم ويصل إلى أعلى المستويات لأنه ربما كان الآخرون يستطيعون أن يقوموا بالكثير من الأعمال، لهذا فالتعليم حق من أهم حقوق ذي العجز وبه يستطيع أن يعمل ويكفل حياته الاجتماعية.
ورغم أن كل إنسان من حقه أن يأخذ فرصته في المجال التعليمي إلا أننا نرى الواقع يناقض هذا حتى وإن كان هذا الواقع يفتح المجال لذوي العجز أن ينالوا حق التعليم إلا أنه يعود فيفرض عليهم بعض الخصوصيات في هذا المجال، فكثيراً ما نجحد ذوي العجز ولا ينالون حقوق التعليم. وإن فتح لهم المجال فإننا نجد المجتمع يضعهم في مدارس خاصة بهم يعزلهم عنه، فالمكفوفون مثلاً نراهم يتعلمون في مداس خاصة بهم يعلمونهم القراءة والكتابة وبعض الحرف البسيطة فقط. ولكن لا يأخذون برأيهم حول المواد التي يودون تعلمها، وما هو التدريب الذي يناسبهم ويناسب ميولهم فنجدهم بعد تخرجهم قلقين لا يعرفون من أمور المجتمع شيئاً حتى أن الدول العربية تضع ذوي العجز في مدارس خاصة يطلقون عليها أسماء نوع العجز الذي لديهم كمعهد الشلل أو معهد المتخلفين عقلياً، وهم بهذا العزل يجعلون طلبتهم يعانون من إعاقات نفسية أيضاً.
إن وجود هذا الشخص لا يثير الشفقة بقدر ما يعلم الإنسان عظمة القادر عز وجل من اختلاف الأفراد ويجعل هؤلاء الطلبة يتعلمون فلسفة الاندماج باندماج الأفراد على اختلاف أشكالهم، وإننا لا نستطيع أن نتعلم من هؤلاء الأشخاص ذوي العجز ما لا تستطيع أن تعلمنا إياه المدارس، فعن طريق هؤلاء يمكننا تعلم الصبر والمثابرة وحب الحياة والعزيمة والإصرار، لأن الشخص ذا العجز لم يصل ليكون بيننا في هذا المحراب إلا لكونه محباً للحياة رغم صعوباتها وإصراره على إثبات ذاته لولا ذلك لما استطاع أن يصل إلينا.
كلنا نعلم أن ليس باستطاعة أي فرد الحكم على الآخرين ما لم نفتح لهم مجال التجربة ومنها يمكننا أن نحكم على قدراتهم ونحن ليس في استطاعتنا الشك في قدرات الأشخاص ذوي العجز ما لم نفتح لهم باب التجربة وقد شاهدنا بعض الأشخاص ذوي العجز من خلال المؤتمرات التي حضروها وقد وصلوا إلى أعلى الدرجات والأمثلة على ذلك كثيرة وعديدة، إذن لندع أصحاب المشكلة يخوضون التجربة بأنفسهم ولا نعزلهم في مدارس خاصة بهم وكما جاء في ميثاق التأهيل الدولي للثمانينات.
يجب أن يتمتع الأطفال المعوقون بحق الحصول على الفرص التعليمية المتاحة لجميع الأطفال الآخرين في وطنهم ومجتمعهم، وحيثما أمكن ذلك، يجب أن يلقى الأطفال المعوقون تعليمهم داخل أجهزة التعليم العادية وهذا الأمر قد يستوجب بالنسبة إلى بعض الأطفال المعوقين إجراء تعديل ملموس في البرنامج التعليمي وإنشاء بعض الخدمات المساندة الضرورية، فالمجتمع مسؤول عن التحقق من أن أجهزته التعليمية تتيح التعليم الشامل للأطفال المعوقين مثل غيرهم من الأطفال الآخرين.
إن المجتمع عندما يقصر التدريب على بعض المجالات الروتينية لذوي العجز فإن ذلك يرجع إلى انعدام ثقته في قدراتهم ومهاراتهم العملية، رغم محاولاته إقناع الآخرين بأن المجال مفتوح أمام هؤلاء الأشخاص للتدريب.
والأسباب التي تدفع المجتمع لإتخاذ مثل هذا الموقف ترجع إلى خوفه من أن يصاب ذوو العجز بحوادث أثناء التدريب على مهارات معينة بالإضافة على أن تدريبهم على هذه المهارات سيؤدي بالتالي إلى مطالبتهم بالعمل في مجالات مختلفة، بينما هو يرفض دمجهم بحجة أن ذلك يؤدي إلى إثارة الشفقة في النفوس.
إن كثيراً من ذوي العجز في العالم أثبتوا قدراتهم في كثير من المهارات عندما تم تدريبهم عليها فشاهدنا من ذوي العجز مهندسين وميكانيكيين وكهربائيين يقومون بتأدية أعمالهم كما يؤديها الشخص السوي.
إذن يجب إتاحة خدمات التأهيل المهني بما فيها التوجيه إلى ذوي العجز بغض النظر عن إعاقتهم وسنهم أو جنسهم شرط أن يكون لديهم الاستعداد للتأهيل والتدريب.
الحق في العمل والاكتفاء الاقتصادي:
إن العمل واجب مقدس يكفل للإنسان الناحية الاقتصادية ولا يجعله يعتمد على غيره بل أنه يجعله يثق بنفسه ويصقل مواهبه حينما يمارس العمل الذي يناسبه. فذووا العجز لهم الحق في أن يعملوا حسب قدراتهم حتى يكفلوا لحياتهم المستوى المادي والاجتماعي.
لكن الواقع غير ذلك لأننا نجد ذوي العجز يبقون في المنازل يحرمون من إتاحة الفرصة لهم للمشاركة في المجال العملي وإن شاركوا في ذلك يبقى الشك مسيطراً على قدراتهم وهم يمارسون المجالات المناسبة لهم بل أنهم يوضعون في أماكن لا تناسبهم ولا تناسب ميولهم في محاولة من المجتمع بإقناع الآخرين بأن ذوي العجز يعملون.
لماذا يخاف المجتمع من عمل الأشخاص ذوي العجز؟ هل لأنه لديه عجز في أطرافه؟ أو لأنه عندما يفتح له باب العمل ربما يثير الشفقة في نفوس الآخرين الذين معه، أو أن أصحاب العمل يفضلون أشخاصاً أسوياء لأن الإنتاج برأيهم في تلك الحالة سيكون أكثر وأسرع؟ وهناك من يقول دع المعوق يرتاح في المسكن والدولة وأهله يوفرون له الأكل والشرب.
فهل لدى المجتمع شك في قدرات المعوق العملية؟
إن وجود ذوي العجز بيننا لا يثير الشفقة بل العكس فإن وجودهم معنا يعلما الصبر والكفاح والأمل، فالإنسان الذي لديه عجز سوف يعلمنا الإصرار على حب الحياة ولقد أثبتت التجارب في العالم أن الشخص الذي لديه عجز يكون أكثر إنتاجاً وأن أكبر المصانع في العالم يكون العاملون فيها أشخاصاً ذوي عجز في أطرافهم وتكون هي المصانع الأكثر جودة لأن هؤلاء الأشخاص يعملون بجد واجتهاد من أجل تغيير نظرة الرأي العام تجاههم.
لهذا يجب أن نفتح أبواب العمل إلى هؤلاء الأشخاص ليمارسوه حسب قدراتهم بعد تدريبهم وأننا بعملنا هذا يمكننا اكتساب أيدي عاملة قادرة على العطاء.
فكل إنسان لديه القدرات الخاصة به وهو خبير نفسه لهذا يجب أن لا نشك في قدرات أي إنسان ما لم نتح له باب التجربة ومن بعدها نصدر الحكم.
إرسال تعليق